السبت، 20 أكتوبر 2012

مــن كــتــاب الــفــوائــد لــلإمــام إبــن الــقــيــم الــجــوزيــة ( 6 )


وكان الكافر على ربه ظهيرا‏


قوله تعالى‏:‏ ‏ «وكان الكافر على ربه ظهيراً» ‏سورة الفرقان، الآية 55‏‏، هذا من ألطف خطاب القرآن وأشرف معانيه، وأن المؤمن دائما مع الله على نفسه وهواه وشيطانه وعدو ربه‏.‏وهذا معنى كونه من حزب الله وجنده وأوليائه، فهو مع الله على عدوه الداخل فيه على حرب أعدائه، يحاربهم ويعاديهم ويغضبهم له سبحانه‏.‏ كما يكون خواص الملك معه على حرب أعدائه، والبعيدون منه فارغون من ذلك، غير مهتمين به، والكافر مع شيطانه ونفسه وهواه على ربه‏.‏ وعبارات السلف على هذا تدور‏:‏

ذكر ابن أبي حاتم عن عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير قال‏:‏ عونا للشيطان على ربه بالعداوة والشرك‏.‏ وقال ليث عن مجاهد قال‏:‏ يظاهر الشيطان على معصية الله يعينه عليها‏.‏ وقال زيد بن أسلم‏:‏ ‏ «‏ظهيرا‏» ‏ أي مواليا‏.‏ والمعنى‏:‏ أنه يوالي عدوه على معصيته والشرك به، فيكون مع عدوه معينا له على مساخط ربه‏.‏

فالمعية الخاصة التي للمؤمن مع ربه وإلهه قد صارت لهذا الكافر والفاجر الشيطان ومع نفسه وهواه وقربانه، ولهذا صدر الآية بقوله‏:‏‏ «ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم» سورة الفرقان، الآية 55‏، وهذه العبادة هي الموالاة والمحبة والرضا بمعبوديهم المتضمنة لمعيتهم الخاصة، فظاهروا أعداء الله على معاداته ومخالفته و مساخطه، بخلاف وليه سبحانه، فإنه معه على نفسه وشيطانه وهواه‏.‏ وهذا المعنى من كنوز القرآن لمن فهمه وعقله، وبالله التوفيق‏.‏ 

ليست هناك تعليقات: