الأحد، 21 أكتوبر 2012

مــن كــتــاب الــفــوائــد لــلإمــام إبــن الــقــيــم الــجــوزيــة ( 7 )


أبواب النار



دخل الناس النار من ثلاثة أبواب‏:‏ 

1- باب شبهة أورثت شكا في دين الله‏.‏ 


2- وباب شهوة أورثت تقديم الهوى على طاعته ومرضاته‏.‏ 


3- وباب غضب أورث العدوان على خلقه‏.

السبت، 20 أكتوبر 2012

إذا اجــتــمــع يــوم الــعــيــد ويــوم الــجــمــعــة


الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على بنينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فهذا جمع مختصر في هذه المسألة اسأل الله تعالى أن يجعله نافعا للقاري والكاتب، والناقل.

أولاً: فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
فيما إذا اجتمع يوم العيد ويوم الجمعة .

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه .. أما بعد:

فقد كثر السؤال عما إذا وقع يوم عيد في يوم جمعة فاجتمع العيدان:

عيد الفطر أو الأضحى مع عيد الجمعة التي هي عيد الأسبوع،
هل تجب صلاة الجمعة على من حضر صلاة العيد أم يجتزئ بصلاة العيد ويصلى بدل الجمعة ظهراً، وهل يؤذن لصلاة الظهر في المساجد أم لا؟

فرأت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء إصدار الفتوى الآتية:

الجواب:

في هذه المسألة أحاديث مرفوعة وآثار موقوفة منها :

1. حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه سأله:  هل شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيدين اجتمعا في يوم واحد؟ قال: نعم، قال: كيف صنع؟ قال: صلى العيد ثم رخص في الجمعة، فقال: من شاء أن يصلي فليصل). رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، والدارمي، والحاكم في (المستدرك) وقال : ( هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وله شاهد على شرط مسلم). ووافقه الذهبي، وقال النووي في (المجموع): (إسناده جيد) (صحيح أبي داود للألباني:(981).

2. وشاهده المذكور هو حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مجمعون . رواه الحاكم كما تقدم، ورواه أبو داود، وابن ماجه، وابن الجارود، والبيهقي، وغيرهم.( صحيح ابن ماجة للألباني : (131).

3. وحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال:  اجتمع عيدان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس ثم قال:من شاء أن يأتي الجمعة فليأتها ومن شاء أن يتخلف فليتخلف.
رواه ابن ماجه، ( صحيح ابن ماجة للألباني : 1312 )ورواه الطبراني في (المعجم الكبير) بلفظ اجتمع عيدان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوم فطر وجمعة، فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد، ثم أقبل عليهم بوجهه فقال: يا أيها الناس إنكم قد أصبتم خيراً وأجراً وإنا مجمعون،ومن أراد أن يجمع معنا فليجمع، ومن أراد أن يرجع إلى أهله فليرجع.

4. وحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اجتمع عيدان في يومكم هذا فمن شاء أجزأه من الجمعة وإنا مجمعون إن شاء الله. رواه ابن ماجه، وقال البوصيري: "إسناده صحيح ورجاله ثقات". انتهى. (وصححه الألباني في صحيح أبي داود (984).

5. ومرسل ذكوان أبي صالح قال اجتمع عيدان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جمعة ويوم عيد فصلى ثم قام،فخطب الناس، فقال: قد أصبتم ذكراً وخيراً وإنا مجمعون، فمن أحب أن يجلس فليجلس  - أي في بيته -  ومن أحب أن يجمع فليجمع . رواه البيهقي في السنن الكبرى.

6.  وعن عطاء بن أبي رباح قال:  صلى بنا ابن الزبير في يوم عيد في يوم جمعة أول النهار ثم رحنا إلى الجمعة فلم يخرج إلينا، فصلينا وحداناً، وكان ابن عباس بالطائف فلما قدمنا ذكرنا ذلك له، فقال أصاب السنة. رواه أبو داود، وأخرجه ابن خزيمة بلفظ آخر وزاد في آخره: قال ابن الزبير: رأيت عمر بن الخطاب إذا اجتمع عيدان صنع مثل هذا.

7. وفي صحيح البخاري رحمه الله تعالى وموطأ الإمام مالك رحمه الله تعالى عن أبي عبيد مولى ابن أزهر قال أبو عبيد:  شهدت العيدين مع عثمان بن عفان، وكان ذلك يوم الجمعة، فصلى قبل الخطبة ثم خطب، فقال:يا أيها الناس إن هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدان، فمن أحب أن ينتظر الجمعة من أهل العوالي فلينتظر، ومن أحب أن يرجع فقد أذنت له.

8. وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال لما اجتمع عيدان في يوم:  من أراد أن يجمع فليجمع، ومن أراد أن يجلس فليجلس.  قال سفيان : يعني يجلس في بيته . رواه عبدالرزاق في المصنف ونحوه عند ابن أبي شيبة.

وبناء على هذه الأحاديث المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعلى هذه الآثار الموقوفة عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم وعلى ما قرره جمهور أهل العلم في فقهها،
فإن اللجنة تبين الأحكام الآتية :

1. من حضر صلاة العيد فيرخص له في عدم حضور صلاة الجمعة، ويصليها ظهراً في وقت الظهر،وإن أخذ بالعزيمة فصلى مع الناس الجمعة فهو أفضل.

2. من لم يحضر صلاة العيد فلا تشمله الرخصة، ولذا فلا يسقط عنه وجوب الجمعة، فيجب عليه السعي إلى المسجد لصلاة الجمعة، فإن لم يوجد عدد تنعقد به صلاة الجمعة صلاها ظهراً.

3. يجب على إمام مسجد الجمعة إقامة صلاة الجمعة ذلك اليوم ليشهدها من شاء شهودها ومن لم يشهد العيد إن حضر العدد التي تنعقد به صلاة الجمعة وإلا فتصلى ظهرا.

4. من حضر صلاة العيد وترخص بعدم حضور الجمعة فإنه يصليها ظهراً بعد دخول وقت الظهر.

5. لا يشرع في هذا الوقت الأذان إلا في المساجد التي تقام فيها صلاة الجمعة، فلا يشرع الأذان لصلاة الظهر ذلك اليوم.

6. القول بأن من حضر صلاة العيد تسقط عنه صلاة الجمعة وصلاة الظهر ذلك اليوم قول غير صحيح، ولذا هجره العلماء وحكموا بخطئه وغرابته، لمخالفته السنة وإسقاطه فريضةً من فرائض الله بلا دليل، ولعل قائله لم يبلغه ما في المسألة من السنن والآثار التي رخصت لمن حضر صلاة العيد بعدم حضور صلاة الجمعة،وأنه يجب عليه صلاتها ظهراً والله تعالى أعلم.وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ – حفظه الله –
عضو: عبدالله بن عبدالرحمن الغديان– حفظه الله –
عضو: بكر بن عبدالله أبو زيد– رحمه الله –
عضو: صالح بن فوزان الفوزان– حفظه الله


بعض الآثار:

وجاء عند مالك في الموطأ:
"
أن عثمان رضي الله تعالى عنهاجتمع في عهده العيد ويوم الجمعة، فصلى العيد، ثم رخص لأهل العالية"، وأهل العوالي كانوا يأتون يصلون الجمعة في المسجد النبوي في المدينة، فلما اجتمع العيد ويوم الجمعة في عهد عثمان رضي الله عنه صلى العيد بمن حضر، ثم رخص لأهل العوالي إذا رجعوا ألا يرجعوا مرةً أخرى؛ لأن فيه مشقة في الذهاب والمجيء مرتين للعيد وللجمعة، وهنا رخص صلى الله عليه وسلم في الجمعة.

وجاء عند ابن أبي شيبة في "المصنف" عن وهب بن كيسان قال:
"
اجتمع عيدان في عهد ابن الزبير فأخر الخروج ثم خرج فخطب فأطال الخطبة ثم صلى ولم يخرج إلى الجمعة فعاب ذلك أناس عليه فبلغ ذلك عند ابن عباس فقال: أصاب السنة، فبلغ ابن ابن الزبير، فقال: شهدت العيد مع عمر فصنع كما صنعت".

وفي لفظ عند الفاكهي في "أخبار مكة":
"
رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه واجتمع على عهده عيدان ، فصنع هكذا".

وعن عطاء بن أبي رباح : قال :
«
صلى بنا ابنُ الزبير يوم عيد في يوم جمعة أولَ النهار ، ثم رُحْنا إِلى الجمعة ، فلم يخرج إِلينا ، فصلَّينا وُحْدانا ، وكان ابن عباس بالطائف، فلما قَدِمَ ذكرنا ذلك له ، فقال : أصابَ السُّنَّة ».

وفي رواية قال :
« 
اجتمع يومُ جمعة ويومُ فطر على عهد ابن الزبير ، فقال : عيدانِ اجتمعا في يوم واحد ، فجمعهما جميعا ، فصلاهما ركعتين بُكْرة ، لم يزد عليهما حتى صلى العصر». أخرجه أبو داود.

وفي رواية النسائي قال :
« 
اجتمع عيدان على عهد ابن الزبير ، فأخَّر الخروجَ حتى تعالى النهارُ ، ثم خرج فخطب ، فأَطال الخطبة ، ثم نزل فصلى ، ولم يصلِّ الناسُ يومئذ الجمعةَ ، فذُكِر ذلك لابن عباس ، فقال : أصابَ السُّنَّةَ ».


ثانياً: قال الشيخ عطية محمد سالم في شرحه على بلوغ المرام:

"
الذي عليه الجمهور أن على الإمام أن يصلي الجمعة حضر معه من حضر، ومن لم يأتِ الجمعة وقد حضر العيد فلا يعنف، ولا يقال له: لم تركت؟ فله من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مخرج، والله تعالى أعلم.

 
ثم قال:  من شاء أن يصلي فليصل . قوله:  من شاء
أيمن شاء أن يصلي الجمعة، فالتخيير قائم مع وجود الرخصة، فمن شاء استعمل الرخصة، ومن شاء تركها ورجع إلى الأصل.


ثالثاً: سئل الإمام ابن باز رحمه الله

ما حكم صلاة الجمعة إذا صادفت يوم العيد؟ هل تجب إقامتها على جميع المسلمين أم على فئة معينة؟ ذلك أن بعض الناس يعتقد أنه إذا صادف العيد الجمعة فلا جمعة إذاً.

الجواب:

"
الواجب على إمام الجمعة وخطيبها أن يقيم الجمعة وأن يحضر في المسجد وأن يصلي بمن حضر كان النبي يقيمها - صلى الله عليه وسلم  -  في يوم العيد يصلي العيد ويصلي الجمعة عليه الصلاة والسلام وربما قرأ في العيد وفي الجمعة جميعاً بسبح والغاشية فيهما جميعاً كما قاله النعمان بن بشير - رضي الله عنهما - فيما ثبت عنه في الصحيح لكن من حضرها من الناس حضر العيد ساغ له ترك الجمعة وأن يصلي ظهراً في بيته أو مع بعض إخوانه إذا كان حضر العيد وإن صلى الجمعة مع الناس كان أفضل وأكمل وإن ترك صلاة الجمعة لأنه حضر العيد وصلى العيد فلا حرج عليه لكن عليه أن يصلي ظهراً فرداً أو جماعة".


رابعاً: سئل الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان
ما العمل إذا وافق العيد يوم الجمعة إذا جاء عيد الفطر في يوم الجمعة فهل يجوز لي أن أصلي العيد ولا أصلي الجمعة أو العكس ؟.

الجواب :

"
إذا وافق يوم العيد يوم الجمعة فإنه من صلى العيد مع الإمام سقط عنه وجوب حضور الجمعة ويبقى في حقه سنة .

فإذا لم يحضر الجمعة وجب عليه أن يصلي ظهراً وهذا في حق غير الإمام.

أما الإمام فإنه يجب عليه أن يحضر للجمعة ويقيمها بمن حضر معه من المسلمين ، ولا تترك صلاة الجمعة نهائياً في هذا اليوم"
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين،،،،
منقول


مــن كــتــاب الــفــوائــد لــلإمــام إبــن الــقــيــم الــجــوزيــة ( 6 )


وكان الكافر على ربه ظهيرا‏


قوله تعالى‏:‏ ‏ «وكان الكافر على ربه ظهيراً» ‏سورة الفرقان، الآية 55‏‏، هذا من ألطف خطاب القرآن وأشرف معانيه، وأن المؤمن دائما مع الله على نفسه وهواه وشيطانه وعدو ربه‏.‏وهذا معنى كونه من حزب الله وجنده وأوليائه، فهو مع الله على عدوه الداخل فيه على حرب أعدائه، يحاربهم ويعاديهم ويغضبهم له سبحانه‏.‏ كما يكون خواص الملك معه على حرب أعدائه، والبعيدون منه فارغون من ذلك، غير مهتمين به، والكافر مع شيطانه ونفسه وهواه على ربه‏.‏ وعبارات السلف على هذا تدور‏:‏

ذكر ابن أبي حاتم عن عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير قال‏:‏ عونا للشيطان على ربه بالعداوة والشرك‏.‏ وقال ليث عن مجاهد قال‏:‏ يظاهر الشيطان على معصية الله يعينه عليها‏.‏ وقال زيد بن أسلم‏:‏ ‏ «‏ظهيرا‏» ‏ أي مواليا‏.‏ والمعنى‏:‏ أنه يوالي عدوه على معصيته والشرك به، فيكون مع عدوه معينا له على مساخط ربه‏.‏

فالمعية الخاصة التي للمؤمن مع ربه وإلهه قد صارت لهذا الكافر والفاجر الشيطان ومع نفسه وهواه وقربانه، ولهذا صدر الآية بقوله‏:‏‏ «ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم» سورة الفرقان، الآية 55‏، وهذه العبادة هي الموالاة والمحبة والرضا بمعبوديهم المتضمنة لمعيتهم الخاصة، فظاهروا أعداء الله على معاداته ومخالفته و مساخطه، بخلاف وليه سبحانه، فإنه معه على نفسه وشيطانه وهواه‏.‏ وهذا المعنى من كنوز القرآن لمن فهمه وعقله، وبالله التوفيق‏.‏ 

الجمعة، 19 أكتوبر 2012

مــن كــتــاب الــفــوائــد لــلإمــام إبــن الــقــيــم الــجــوزيــة ( 5 )


مــحــبــة الله



لا يزال العبد منقطعا عن الله حتى تصل إرادته ومحبته بوجهه الأعلى ‏.‏ والمراد بهذا الاتصال أن تفضي المحبة إليه وتتعلق به وحده فلا يحجبها شيء دونه، وأن تتصل المعرفة بأسمائه وصفاته وأفعاله فلا يطمس نورها ظلمة التعطيل، كما لا يطمس نور المحبة ظلمة الشرك، وأن يتصل ذكره به سبحانه فيزول بين الذاكر والمذكور حجاب الغفلة والتفاته في حال الذكر إلى غير مذكوره‏.‏ فحينئذ يتصل الذكر به ويتصل العمل بأوامره ونواهيه فيفعل الطاعة لأنه أمر بها و أحبها، ويترك المناهي لكونه نهي عنها وأبغضها‏.‏

فهذا معنى اتصال العمل بأمره ونهيه، وحقيقة زوال العلل الباعثة على الفعل والترك من الأغراض والحظوظ العاجلة، ويتصل التوكل والحب به بحيث يصير واثقا به سبحانه مطمئنا إليه راضيا بحسن تدبيره له غير متهم له في حال من الأحوال ، ويتصل فقره وفاقته به سبحانه دون من سواه ، ويتصل خوفه ورجاؤه وفرحه وسروره وابتهاجه به وحده، فلا يخاف غيره ولا يرجوه ولا يفرح به كل الفرح ولا يسر به غاية السرور‏.‏

وإن ناله بالمخلوق بعض الفرح والسرور فليس الفرح التام والسرور الكامل والابتهاج والنعيم وقرة العين وسكون القلب إلا به سبحانه، وما سواه إن أعان على هذا المطلوب فرح به وسر به، وإن حجب عنه فهو بالحزن به والوحشة منه واضطراب القلب بحصوله أحق منه بأن يفرح به، فلا فرحة ولا سرور إلا به أو بما أوصل إليه أعان على مرضاته ‏.‏ وقد أخبر سبحانه أنه لا يحب الفرحين بالدنيا وزينتها ، وأمر بالفرح بفضله ورحمته وهو الإسلام والإيمان والقرآن ، كما فسره الصحابة والتابعون‏.‏
والمقصود أن من اتصلت له هذه الأمور بالله سبحانه فقد وصل ، وإلا فهو مقطوع عن ربه متصل بحظه ونفسه ملبس عليه في معرفته وإرادته وسلوكه‏.‏ 

الخميس، 18 أكتوبر 2012

16 وســيــلــة عــمــلــيــة لــحــل الــخــلافــات الــزوجــيــة



أساليب عملية في حل الخلافات الزوجية

ينبغي أن ينظر الزوجان نظرة واقعية إلى الخلافات الزوجية إذا إنها من الممكن أن تكون عاملاً من عوامل الحوار والتفاهم إذا أحسن التعامل معها .
والأسلوب الذي يتبعه الزوجان في مواجهة الخلاف إما أن يقضي عليه وإما أن يضخمه ويوسع نطاقه ..

ضوابط لابد منها

لاشك أن الكلمات الحادة , والعبارات العنيفة , لها صدى يتردد باستمرار حتى بعد انتهاء الخلاف , علاوة على الصدمات والجروح العاطفية التي تتراكم على النفوس .

لزوم الصمت والسكوت على الخلاف حل سلبي مؤقت للخلاف , إذ سرعان ما يثور البركان عند دواعيه , وعند أدنى اصطدام ، فكبت المشكلة في الصدور بداية العقد النفسية وضيق الصدر المتأزم بالمشكلة ، فإما أن تتناسى وتترك , وإما تطرح للحل ولا بد أن تكون التسوية شاملة لجميع ما يختلج في النفس ، وأن تكون عن رضا وطيب خاطر .

البعد عن الأساليب التي قد تكسب الجولة فيها وينتصر أحد الطرفين على الآخر لكنها تعمق الخلاف و تجذره : مثل أساليب التهكم والسخرية , أو الإنكار والرفض ، أو التشبث بالكسب .

روى البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ، قال : لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفحشاً , وكان يقول إن من خياركم أحسنكم أخلاقاً " .

و روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن يهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : السام عليكم ، فقالت عائشة : عليكم ولعنكم الله وغضب الله عليكم ، قال : " مهلاً يا عائشة عليك بالرفق , وإياك والعنف والفحش " قالت : أولم تسمع ما قالوا ؟ قال : أو لم تسمعي ما قلت ؟ رددت عليهم فيستجاب لي فيهم ولا يستجاب لهم في .

و روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره " .

و روى الترمذي حدثنا محمد بن غيلان حدثنا ابن داود قال أنبأنا شعبة عن أبي إسحاق ، قال : سمعت أبا عبد الله الجدلي يقول : سألت عائشة عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالت :" لم يكن فاحشاً , ولا متفحشاً , ولا صخباً في الأسواق , ولا يجزي بالسيئة السيئة , ولكن يعفو ويصفح " .

وقول أنس خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين ، فما قال لي يوماً لشيء فعلته لم فعلته ؟ ولا لشيء تركته لم تركته " .الوعي بأثر الخلاف وشدة وطأته على الطرفين : فلا شك أن اختلاف المرأة مع شخص تحبه وتقدره وتدلي عليه , يسبب لها كثيراً من الإرباك والقلق والانزعاج ، وبخاصة إذا كانت ذات طبيعة حساسة .

البعد عن التعالي بالنسب أو المال أو الجمال أو الثقافة , فإن هذا من أكبر أسباب فصم العلاقات بين الزوجين الكبر بطرد الحق و غمط الناس 

عدم اتخاذ القرار إلا بعد دراسته , فلا يصلح أن يقول الزوج في أمر من الأمور " لا " أو " نعم " ثم بعد الإلحاح يغير القرار، أو يعرف خطأ قراره فيلجأ إلى اللجاج والمخاصمة .

خطوات لابد منها

1- تفهم الأمر هل هو خلاف أم أنه سوء فهم فقط , فالتعبير عن حقيقة مقصد كل واحد منهما وعما يضايقه بشكل واضح ومباشر يساعد على إزالة سوء الفهم , فلربما أنه لم يكن هناك خلاف حقيقي وإنما سوء في الفهم .

2- الرجوع إلى النفس ومحاسبتها ومعرفة تقصيرها مع ربها الذي هو أعظم وأجل.. وفي هذا تحتقر الخطأ الذي وقع عليك من صاحبك .

3- معرفة أنه لم ينزل بلاء إلا بذنب وأن من البلاء الخلاف مع من تحب . وقد قال محمد بن سيرين إني لأعرف معصيتي في خلق زوجتي ودابتي .

4- تطوير الخلاف وحصره من أن ينتشر بين الناس أو يخرج عن حدود أصحاب الشأن .

5- تحديد موضع النزاع والتركيز عليه , وعدم الخروج عنه بذكر أخطاء أو تجاوزات سابقة , أو فتح ملفات قديمة ففي هذا توسيع لنطاق الخلاف .

6- أن يتحدث كل واحد منهما عن المشكلة حسب فهمه لها , ولا يجعل فهمه صواباً غير قابل للخطأ أو أنه حقيقة مسلمة لا تقبل الحوار ولا النقاش , فإن هذا قاتل للحل في مهده .

7- في بدء الحوار يحسن ذكر نقاط الاتفاق فطرح الحسنات والإيجابيات والفضائل عند النقاش مما يرقق القلب ويبعد الشيطان ويقرب وجهات النظر وييسر التنازل عن كثير مما في النفوس , قال تعالى ولا( تنسوا الفضل بينكم ) , فإذا قال أحدهما للآخر أنا لا أنسى فضلك في كذا وكذا , ولم يغب عن بالى تلك الإيجابيات عندك , ولن أتنكر لنقاط الاتفاق فيما بيننا فإن هذا حري بالتنازل عن كثير مما يدور في نفس المتحاور .

8- لا تجعل الحقوق ماثلة دائماً أمام العين , وأخطر من ذلك تضخيم تلك الحقوق أو جعلك حقوقاً ليست واجبة تتأصل في النفس ويتم المطالبة بها .

9- الاعتراف بالخطأ عند استبانته وعدم اللجاجة فيه , وأن يكون عند الجانبين من الشجاعة والثقة بالنفس ما يحمله على ذلك , وينبغي للطرف الآخر شكر ذلك وثناؤه عليه لاعترافه بالخطأ فالاعتراف( بالخطأ خير من التمادي في الباطل ) ، والاعتراف بالخطأ طريق الصواب , فلا يستعمل هذا الاعتراف أداة ضغط بل يعتبره من الجوانب المشرقة المضيئة في العلاقات الزوجية يوضع في سجل الحسنات والفضائل التي يجب ذكرها والتنويه بها .

10- الصبر على الطبائع المتأصلة في المرأة مثل الغيرة كما قال صلى الله عليه وسلم غارت( أمكم ) وليكن لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في تقدير الظروف والأحوال ومعرفة طبائع النفوس وما لا يمكن التغلب عليه . روى النسائي وأبو داود و الترمذي عن عائشة قالت : ما رأيت صانعة طعام مثل صفية أهدت النبي صلى الله عليه وسلم إناء فيه طعام فما ملكت نفسي أن كسرته ، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن كفارته فقال : " إناء كإناء وطعام كطعام " .

11- الرضا بما قسم الله تعلى فإن رأت الزوجة خيراً حمدت , وإن رأت غير ذلك قالت كل الرجال هكذا , وأن يعلم الرجل أنه ليس الوحيد في مثل هذه المشكلات واختلاف وجهات النظر .

12- لا يبادر في حل الخلاف وقت الغضب , وإنما يتريث فيه حتى تهدأ النفوس ، وتبرد الأعصاب , فإن الحل في مثل هذه الحال كثيراً ما يكون متشنجاً بعيداً عن الصواب .

13- التنازل عن بعض الحقوق فإنه من الصعب جداً حل الخلاف إذا تشبث كل من الطرفين بجميع حقوقه .

14- التكيف مع جميع الظروف والأحوال , فيجب أن يكون كل واحد من الزوجين هادئاً غير متهور ولا متعجل , ولا متأفف ولا متضجر , فالهدوء وعدم التعجل والتهور من أفضل مناخات الرؤية الصحيحة والنظرة الصائبة للمشكلة .

15- يجب أن يعلم ويستقين الزوجان بأن المال ليس سبباً للسعادة ، وليس النجاح في الدور والقصور والسير أمام الخدم والحشم , وإنما النجاح في الحياة الهادئة السليمة من القلق البعيدة من الطمع .

16- غض الطرف عن الهفوة والزلة والخطأ الغير مقصود :

من الذي ما ساء قط <><> ومن له الحسنى فقط

منقول من مجلة الأسرة العدد 80

مــن كــتــاب الــفــوائــد لــلإمــام إبــن الــقــيــم الــجــوزيــة ( 4 )


مثل الدنيا


الدنيا كامرأة بغيّ لا تثبت مع زوج إنما تخطب الأزواج ليستحسنوا عليها، فلا ترضى بالدياثة‏.‏

ميزت بين جمالها وفعالهــــا * * * فإذا الملاحة بالقباحة لا تفي

حلفت لنا ألا تخون عهودنا * * * فكأنها حلفت لنا ألا تفـــــي


السير في طلبها سير في أرض مسبعة‏، والسباحة فيها سباحة في غدير سباحة في غدير التمساح، المفروح به هو عين المخزون عليه، آلامها متولدة من لذاتها وأحزانها من أفراحها‏:‏

مأرب كانت في الشباب لأهلها * * * عذاباً فصارت في المشيب عذاباً


طائر الطبع يرى الحبة وعين العقل ترى الشرك، غير أن عين الهوى عمياء‏:‏

وعين الرضا عن كل عيب كليلة * * * كما أن عين السخط تبدي المساويا


تزخرفت الشهوات لأعين الطباع فغض عنه الذين يؤمنون بالغيب ووقع تابعوها في بيداء الحسرات فـ ‏ «‏أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون» ‏‏‏الآية‏:‏ 5 من سورة البقرة‏‏، وهؤلاء يقال لهم‏:‏ ‏ «‏كلوا وتمتعوا قليلاً إنكم مجرمون» ‏‏‏الآية‏:‏ 46 من سورة المرسلات.
لما عرف الموفقون قدر الحياة الدنيا وقلة الحياة الدنيا وقلة المقام فيها أماتوا فيها الهوى طلباً لحياة الأبد لما استيقظوا من نوم الغفلة استرجعوا بالجد ما انتهبه العدو منهم في زمن البطالة فلما طالت عليهم الطريق تلمحوا المقصد فقرب عليهم البعيد، وكلما أمرت لهم الحياة حلا لهم تذكر‏:‏ ‏ «‏هذا يومكم الذي كنتم توعدون» ‏‏‏الآية‏:‏ 103 من سورة الأنبياء.

وركب سروا والليل ملق رواقه * * * على كل مغْبرّ المطالع قائم

حدوا عزمات ضاعت الأرض بينها * * * فصار سراهم في ظهور العزائم

تريهم نجوم الليل ما يتبعونه * * * على عاتق الشعرى وهام النعائم

إذا اطردت في معرك الجد قصفوا * * * رماح العطايا في صدور المكارم

«‏رواق الليل‏:‏ الرواق من الليل‏:‏ مقدمه، وجانبه»
« ‏الشعرى‏:‏ كوكب يطلع بعد الجوزاء‏ »  

الاثنين، 15 أكتوبر 2012

مــن كــتــاب الــفــوائــد لــلإمــام إبــن الــقــيــم الــجــوزيــة ( 3 )


تأثير ‏ ‏لا إله إلا الله‏ ‏ عند الموت


لشهادة ‏ «‏أن لا إله إلا الله‏» ‏ عند الموت تأثير عظيم في تكفير السيئات وإحباطها؛ لأنها شهادة من عبد موقن بها عارف بمضمونها، قد ماتت منه الشهوات ولانت نفسه المتمردة، وانقادت بعد إبائها واستعصائها وأقبلت بعد إعراضها وزالت بعد عزها، وخرج منها حرصها على الدنيا وفضولها، واستذلت بين يدي ربها وفاطرها ومولاها الحق أذل ما كانت وأرجى ما كانت لعفوه ومغفرته ورحمته‏.‏ وتجرد منها التوحيد بانقطاع أسباب الشرك وتحقق بطلانه، فزالت منها تلك المنازعات التي كانت مشغولة بها، واجتمع همها على من أيقنت بالقدوم عليه والمصير إليه، فوجه العبد وجهه بكليته إليه، وأقبل بقلبه وروحه وهمه عليه‏.‏ فاستسلم وحده ظاهراً وباطناً ، و استوى سره وعلانيته فقال لا اله إلا الله مخلصاً من قلبه‏.‏ وقد تخلص قلبه من التعلق بغيره والالتفات إلى ما سواه‏.‏ قد خرجت الدنيا كلها من قلبه وشارف القدوم على ربه، وخمدت نيران شهوته، وامتلأ قلبه من الآخرة فصارت نصب عينيه، وصارت الدنيا وراء ظهره، فكانت تلك الشهادة الخالصة خاتمة عمله، فطهرته من ذنوبه، وأدخلته على ربه؛ لأنه لقي ربه بشهادة صادقة خالصة، وافق ظاهرها باطنها وسرها علانيتها، فلو حصلت له الشهادة على هذا الوجه في أيام الصحة لاستوحش من الدنيا وأهلها، وفر إلى الله من الناس، وأنس به دون ما سواه، لكنه شهد بها بقلب مشحون بالشهوات وحب الحياة وأسبابها ونفس مملوءة بطلب الحظوظ والالتفات إلى غير الله‏.‏ فلو تجردت كتجردها عند الموت لكان لها نبأ آخر وعيش آخر سوى عيشها البهيمي، والله المستعان‏.‏

ماذا يملك من أمره من ناصيته بيد الله ونفسه بيده، وقلبه بين أصبعين من أصابعه يقلبه كيف يشاء، وحياته بيده وموته بيده، وسعادته بيده، وشقاوته بيده وحركاته وسكناته وأقواله وأفعاله بإذنه و مشيئه، فلا يتحرك إلا بإذنه، ولا يفعل إلا بمشيئته‏.‏ إن وكل هو إلى نفسه وكل إلى عجز وضيعة وتفريط وذنب وخطيئة، وإن وكله إلى غيره وكله إلى من لا يملك له ضرًّا ولا نفعاً، ولا موتاً ولا حياة ولا نشورا‏.‏ وإن تخلى عنه استولى عليه عدوه وجعله أسيراً له‏.‏ فهو لا غنى له عنه طرفة عين، بل هو مضطر إليه على مدى الأنفاس في كل ذرة من ذراته باطناً وظاهراً‏.‏ فاقته تامة إليه‏.‏ ومع ذلك فهو متخلف عنه معرض عنه، يتبغض إليه بمعصيته، مع شدة الضرورة إليه من كل وجه، قد صار لذكره نسيًّا واتخذه وراءه ظهريًّا، هذا وإليه مرجعه وبين يديه موقفه‏.‏